مكانة اليتيم في القرآن والسنة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه البخاري
مكانة اليتيم في القرآن والسنة:
لقد أولى القرآن الكريم عناية فائقة بأمر اليتيم وشأن اليتيم، اهتم القرآن بتربية اليتيم وبأمره من الناحية النفسية ومن
الناحية المادية على السواء مراعاة لظروف اليتيم النفسية بعد فقد أبيه، فقد يحس بشيء من الذل أو القهر أو
الانكسار، وراعى القرآن هذه الحالة النفسية مراعاة دقيقة؛ لأن الذي يشرع هو الذي خلق أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: 14]. . . . . . .
كفالة اليتيم:
كفالة اليتيم من الأمور التي حث عليها الشرع الحنيف، وجعلها من الأدوية التي تعالج أمراض النفس البشرية،
وبها يتضح المجتمع في صورته الأخوية التي ارتضاها له الإسلام.
على أنه لابد أن يتنبه أن كفالة اليتيم ليست في كفالته ماديا فحسب، بل الكفالة تعني القيام بشئون اليتيم من التربية والتعليم والتوجيه والنصحز
والقيام بما يحتاجه من حاجات تتعلق بحياته الشخصية من المأكل والمشرب والملبس والعلاج ونحو هذا.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
كفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير التي حثت عليها الشريعة الإسلامية قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) سورة البقرة الآية 215.
و قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) سورة النساء الآية 36.
وتكون كفالة اليتيم أيضاً بالإنفاق عليه مع عدم ضمه إلى الكافل كما هو حال كثير من أهل الخير الذين يدفعون مبلغاً من المال لكفالة يتيم يعيش في جمعية خيرية أو يعيش مع أمه أو نحو ذلك.
فهذه الكفالة أدنى درجة من الأولى، ومن يدفع المال للجمعيات الخيرية التي تعنى بالأيتام يعتبر حقيقة كافلاً لليتيم وهو داخل إن شاء الله تعالى في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) .
قال الإمام النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: (كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة) كافل اليتيم القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه، أو من مال اليتيم بولاية شرعية.
وأما قوله: وله أو لغيره فالذي له أن يكون قريباً له كجده وأمه وجدته وأخيه وأخته وعمه وخاله وعمته وخالته وغيرهم من أقاربه، والذي لغيره أن يكون أجنبياً] شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 408.
وكفالة اليتيم المالية تقدر حسب مستوى المعيشة في بلد اليتيم المكفول بحيث تشمل حاجات اليتيم الأساسية دون الكمالية، فينبغي أن يتوفر لليتيم المأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن، والتعليم بحيث يعيش اليتيم حياة كريمة، ولا يشعر بفرق بينه، وبين أقرانه ممن ليسوا بأيتام.
ولا بأس أن يشارك أكثر من شخص في كفالة اليتيم الواحد.
عاقبة آكل مال اليتيم:
ذا كان هذا هو قدر اليتيم عند الله وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء القرآن يحذر وينذر بصورة تحذير رهيب وإنذار شديد لمن يتطاول ويتجرأ على أكل مال اليتامى ظلماً بغير حق.
فلقد قال الله جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء: 10] الله أكبر! أي رعبٍ هذا!
أي إنذار شديد هذا! والله إنه إنذار يخلع القلوب الحية، وينذر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ لْيَتَامَى ظُلْماً [النساء: 10] فكم من أموالٍ لليتامى قد أكلت ظلماً، بل ومن الذي سلم إلا من سلمه الله جل وعلا.
ووالله إن شربة ماء من أموال اليتامى بغير حق إنما هي نار تغلي في البطون، وإن لقمة خبز من أموال اليتامى بغير حق إنما هي نار تتأجج في البطون إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء].
المصدر: موقع إسلاميات